في واقعة تعتبر الأولى من نوعها في تاريخ الشركة الأكثر إثارة للجدل في صناعة النقل، كشفت تقارير مسربة نشرتها صحيفة الجارديان البريطانية بالتعاون مع اتحاد الصحافيين الاستقصائيين الدوليين، عن ضلوع شركة أوبر بأنشطة غير قانونية هدفت للترويج إلى خدماتها وتوسيع علامتها التجارية حتى أصبحت عملاق النقل والتوصيل في العالم.
تضمنت هذه التقارير دلائل تُشير لتورط أوبر في خداع الشرطة وممارسة الضغوطات على رجال السياسة في العديد من دول العالم لتوسيع إمبراطوريتها، من خلال الاجتماع سرًا معهم وبناء علاقات تهدف إلى تسويق علامتها التجارية بصفة موسعة.
كما استغلت أوبر العنف المُمارس ضد سائقي التاكسي بهدف استمالتهم للعمل في منظومتها، الأمر الذي هدد وظائف سائقي التاكسي في الدول الكبرى، خاصةً الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا، في ظل تفضيل الركاب لاختيار اوبر على سيارات التاكسي.
إقرار بالخطيئة!
من جهتها، لم تنكر اوبر الاتهامات الموجهة إليها، بل أقرّت بصحة التقارير المسربة، وقالت نائبة الرئيس المكلفة بالشؤون العامة، جيل هازلبيكر، في بيان نُشر على الإنترنت: “لا نبرر ولا نبحث عن أعذار لسلوكيات سابقة لا تتوافق مع قيمنا الحالية”، “نطلب من الجمهور أن يحكم علينا بناءً على ما فعلناه في الخمس سنوات الماضية، وما سنفعله في السنوات المقبلة”، نقلًا عن وكالة فرانس برس.
وثائق أوبر المسربة تكشف عن تورط الشركة في أنشطة غير قانونية لتكوين إمبراطوريتها
شملت الوثائق التي حصلت عليها الجارديان حوالي 124 ألف ملف يعود تاريخها بين عامي 2013 و 2017، وتتضمن رسائل بريد إلكتروني لمدراء سابقين في اوبر خلال ذلك الوقت، بالإضافة إلى مذكرات وفواتير.
وفقًا للتحقيق الاستقصائي، فقد موّلت أوبر خدمات التاكسي الرخيصة من خلال صناديق الاستثمار التي موّلت توسعها، وذلك لخفض أسعار رحلات أوبر مقارنةً بأسعار لحلات التاكسي العادية في المدن الكبرى.
كما عرضت الشركة حوافز على أصحاب سيارات الأجرة بالإضافة لإغراء الركاب من خلال الرسائل المرسلة لهم من أجل تفضيل رحلاتها واختيارها.
هذه السلوكيات أدّت إلى موجة من احتجاجات نقابات سائقي سيارات الأجرة في المدن الكبرى في أوروبا خلال العقد الماضي، والتي لا يزال بعضها مستمرًا حتى اللحظة.
تدخل رئيس أوبر السابق في الشأن السياسي الفرنسي
أشارت بعض التقارير المسربة إلى رسائل بريد إلكتروني أرسلها الرئيس التنفيذي السابق للشركة، ترافيس كالانيك، إلى عدد من كوادر أوبر آن ذاك الذين عبّروا عن قلقهم من تشجيع الشركة لسائقيها في فرنسا على المشاركة في مظاهرات باريس.
وفقًا للتقارير، أجاب كالانيك على هذه المخاوف بالقول: “أعتقد أن الأمر يستحق ذلك، العنف يضمن النجاح”.
هذه الممارسات لم تقتصر على فرنسا فقط، بل انتهجت أوبر نهجًا مماثلًا في بجليكا، هولندا، إسبانيا، وإيطاليا، عندما شجّعت سائقيها على تقديم بلاغات إلى الشرطة عند تعرضهم لاعتداءات بهدف تسليط الضوء على قضيتها إعلاميًا وتخفيف ضغوطات السلطات عليها.
تشجيع على العنف وممارسات إدارية مشكوك فيها!
نقلًا عن وكالة فرانس برس، فقد وُجّهت اتهامات لكالانيك بالضلوع في ممارسات إدارية عنيفة، على خلفية قضايا التمييز على أساس الجنس وحوادث التحرش أثناء حلات أوبر. وقد انتهت هذه القضايا بإعلان كالانيك التنحي عن منصبه وتقديم استقالته من مجلس إدارة الشركة في يونيو 2017، وعلّق على ذلك بقوله إنه فخور بكل ما أنجزته أوبر.
تقارير أخرى أثارت الجدل هي سياسة اوبر المعروفة باسم “مفتاح الإيقاف”، والتي تركز على قطع وصول مكتب المجموعة بشكل سريع إلى قواعد البيانات الإلكترونية في حال حصول أي مداهمة أمنية، بهدف إحباط أي محاولة تدخل من قوات الأمن.
تورط ماركرون في الترويج لأوبر
من بين القضايا السياسية الحساسة التي ضلعت فيها أوبر، هي تورط الرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون بمساعدة الشركة سريًا عندما كان يشغل منصب وزير الاقتصاد بين عامي 2014 و 2016، وذلك لتعزيز مكانتها في فرنسا.
كما قالت الجارديان إن الشركة قد تكون قدّمت عددًا من أسهمها لسياسيين في روسيا وألمانيا، بالإضافة لدفع مئات الآلاف من الدولارات إلى باحثين لنشر دراسات حول مزايا نموذجها الاقتصادي.
كما اتّجهت الشركة إلى جو بايدن، الرئيس الأمريكي الحالي، لإقناعه بنموذج أعمالها، والذي ساهم بدوره عندما تقلّد منصب الرئيس بنشر فكرة اوبر بقوله إنها “سمحت لملايين الناس حول العالم بالعمل عدد الساعات التي يريدونها”.
وتمكنت أوبر من النمو السريع عبر أسلوبها للسيطرة على سوق سيارات الأجرة في زمن وجيز، لكن ذلك كان مزعجًا لشركات التاكسي في أنحاء العالم.
كما خلقت الشركة نموذج الاقتصاد القائم على المهام الذي لجأ إليه في ما بعد عدد كبير من الشركات الناشئة، إلا أنه استغرق أكثر من 12 عامًا وأخذ وقتًا طويلًا لتحقيق الشركة أول أرباح فصلية.
من جهتها، ذكرت اوبر في بيانها الصادر عقب التقارير المسربة إن وسائل الإعلام قد ركّزت بصفة كبيرة على “الأخطاء” التي وقعت بها قبل عام 2017.
اقرأ أيضًا:
محكمة إيطالية تكشف استغلال شركة أوبر للمهاجرين بظروف عمل مهينة
أوبر أمام دعوى قضائية من سائقيها بتهمة الاحتيال في أمريكا
سياسة رفع الأسعار آخر استراتيجيات أوبر للنجاة من تضخم التكاليف!
المصدر